القائمة الرئيسية

الصفحات

سورة الشورى | من كان يريد حرث الآخرة

 

سورة الشورى | من كان يريد حرث الآخرة


سورة الشورى | من كان يريد حرث الآخرة

       عجيبة تلك المعاني المتدفقة من الآية الكريمة حين نقرأ تفسيرها!


من عمل للآخرة أعانه الله تعالى في عمله وفتح له الأبواب وضاعف له الأجر الذي سيلقاه فيها أضعافا.. ومن عمل للدنيا وحدها ولم تكن الآخرة بوصلته أخذ نصيبه منها وانتهى..

 
كأن الآخرة مقرونة بالبركة؛ منبع عذب فياض لا ينضب تشرب منه باستمرار، فرص استثمار متنوعة، ميدان سباق واسع نحو درجات عليا كلما بلغت درجة اكتشفت درجة أعلى منها فانطلقت لتفوز بها! تصبح الدنيا بذلك ميدانا لبناء الآخرة، بناء آخرتك بيدك كما تشاء! والشكور سبحانه يجعلها لك فوق ما تشاء، يكشف لك عن مفاجآته يوم إعلان النتائج! والجميل أنك في الدنيا ستأخذ نصيبك حسب ما قسم الله تعالى لك من أرزاق.. لكن عن أي دنيا تتحدث، حين تتعلق رؤيتك وأهدافك بوُسع الآخرة وميدانها المفتوح ستتصاغر الدنيا في قلبك، ستتحول إلى وسيلة بين يديك لتصنع مستقبلك الخالد، حتى دعواتك ستتجه في أغلبها إلى طلب الأرزاق فيها لأهداف أخروية لا دنيوية فقط، وهنا تتنزل أنوار الرضى والسكينة!

 
       حسنا، لننزل من تلك المعاني السماوية والآفاق الواسعة إلى المحدود.. أن تكون البوصلة متجهة من الدنيا إلى الدنيا، أليس ذلك مثيرا لشعور ما بالضيق؟! رزقك في الدنيا حدده رب العالمين، سعيك لأجلها لن تكون نتيجته بناءً حقيقيا ولا بركة ولا جوائز ولا مفاجآت سارّة! كل ما ستحصل عليه هو رزقك الذي كُتِب لك! رزقك الذي لن تخرج من الدنيا حتى تأخذه كاملا في كل الأحوال! كأنك لم تفعل شيئا!!

 
       ما أعجب الفرق بين الدنيا والآخرة وما أكبره! ثم ما أجمل الكلمات القرآنية التي اختارها الله تعالى.. "حرث"!

 
الحرث يعني أرضا أنت تعمل عليها كما تشاء، أنت مخير في ما تفعله بها.. ثم إياك أن تدّعي بأنها أرض بور لتبرر خياراتك السيئة! الأرض مهيئة.. وأنت واختياراتك!

 
الحرث يعني معولا تحمله، تشمر وتضرب التراب لتحفر.. هل ذراعاك قويتان لتتمكنا من حمله واستخدامه؟ أم أنك لا تكترث بأهمية القوة..؟

 
الحرث يعني جهدا وتعبا وعناية، حياتك الدنيا ميدان عمل واجتهاد لا فندق للراحة والاستجمام! كم من تشنجٍ فكري سيهدأ وسخطٍ على أحداث الحياة سينطفئ حين تدرك تلك الحقيقة! ثم إنك ستعمل شئت أم أبيت، هل ستكون ساذجا فتتعب كي تحصل على "لا شيء"؟!

 
الحرث يعني زراعة، قربا من جمال النبات وقوة إصراره رغم رقّته وطيبته، تزرع بذرة تعطيك أشجارا وثمارا.. كم ستتعلم منها! ثم.. هل يذكرك هذا بشيء ما؟ حديث الفسيلة وقيام الساعة مثلا؟

 
       من قدّر الأرض التي مُنـح إياها، وأحسن إعداد نفسه لحمل المعول، وأدرك أنه في ميدان عمل فشمر واجتهد، وتشرّب طيب الخلق والتفاؤل والاستثمار إلى آخر رمق، أتراه سيخسر؟ جهده هل يمكن أن يذهب سدى؟


نعم.. إن اختار الوجهة الخطأ.. الدنيا بدل الآخرة.. لكن.. كل شيء حوله يخبره بالوجهة الصحيحة لو تأمل! الأرض والمعول والجسد المتعب والفسيلة.. فقط لو فتح سمعه وعقله وتأمل!

 
       سبحان من خلق الإنسان وأعطاه حرية الاختيار وأحاطه بما يساعده على الاختيار الصح! أليس ربا يحب عبده ويريد له الخير والفلاح؟! بلى والله!

 
ما أجمل همسات الآية ♡♡

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

تجول بسهولة.. فهرس المقال🌹