التعامل مع الألم النفسي 2 | الألم منحنى يؤول إلى الصفر
عندما كنت أحلل خوفي من المتاعب وجدت أن أحد أسباب ذلك الخوف هو تصوري بأن الألم منحنى يؤول إلى الـ "مالانهاية"، كأن هذا الابتلاء لن ينتهي، كأنه سيستمر معي إلى أبد الآبدين كما يقال، منحنى أقف عند بدايته وأراه أمامي صاعدا إلى أعلى لا نهاية له كأن هذا الألم سيكون الصبغة الدائمة لحياتي..
لكن مع الوقت بدأت أشعر بوجود خلل ما في هذا التصور.. أتأمل الحياة فأدرك بأن فيها من التناغم والنظام ما يؤكد أن جملة قوانين موحدة تحكمها من الذرة إلى المجرة.. أحد تلك القوانين الذي كنت أراقب تجلياته قانون الثنائيات المتناقضة، أو لنقل قانون التعاقب، أو لعلهما مندمجان معا: تعاقب النور والظلام في دورة الكرة الأرضية، تعاقب الفصول حارها وباردها، قيام حضارات ثم زوالها، الفرح والحزن اللذان يلعبان في ساحة البشر يحزن أقوام ويفرح آخرون ثم يتبادل اللاعبان ساحتيهما، أمطار خير تسقي أرضا ثم تأتي غيرَها وإعصار مرعب يضرب بقعة ثم يمضي إلى غيرها، العسر الذي يرافقه اليسر، الاستيقاظ والنوم، بداية اليوم بهرمون النشاط ثم اختتامه بهرمون النوم والراحة.. كل ذلك التعاقب بين الثنائيات جعلني أدرك فكرة البداية والنهاية، فكرة التصاعد الذي سيعقبه النزول.. جعلني أدرك بأن تصويرنا للألم خاطئ..
الصحيح المتوافق مع الفطرة ومع الحياة هو أن كل ألم -مهما كان- يشكل منحنى يصعد ليبلغ الذروة ثم ينزل ليبلغ الصفر، المتاعب منحنيات تؤول إلى الصفر لا إلى الـ "مالانهاية" حتى لو كانت ذروتها أو ذرواتها شديدة الارتفاع، مآلها إلى الصفر.. ونحن إذ نقف أمام بداية ذلك المنحنى ننظر إليه لابد أن ندرك ما بعده، لابد أن نستشرف الأمور بالشكل الصحيح، لابد أن نستوعب بأن هذا الجبل الهائل الذي أمامنا لا يمتد إلى الأفق طولا ولا يبلغ القمر ارتفاعا بل ثمة بعد الذروة انحدار وبعد قمة الجبل سفح وثمة عند السفح وديان وأنهار.. هذا الألم سينتهي لا محالة، ستخمد ناره وتنتقل إلى آفاق جديدة تنسيك مرارة ما تجرعت..
استشراف ما سيأتي بالشكل الصحيح يكسب صاحبه وعيا أكبر.. إلمامه بالصورة الكاملة لما سيحدث، بدورة حياة المصاعب يجعله في حالة من التسامي، في حالة من السيطرة على اختياراته وتصرفاته وأفكاره رغم شدة ما يلاقيه كأنما هو قائد حنون رشيد حكيم يشد من أزر نفسه ويقويها ليستمر في سيره بعزيمة يبلغ بعدها ما يروي عطشه بما لم يتخيله من قبل!
حدث وأن عشت ألما رهيبا لم أكن أستطيع بأي شكل أن أتصور بأنه سينتهي يوما.. لكنه انتهى! فعلا قد انتهى! ألمك مهما كان شديدا ليس منحنى يؤول إلى المالانهاية، ألمك منحنى يؤول إلى الصفر شئت أم أبيت.
♥♥♥
عندما تهضم هذه القاعدة وتكون قادرا على أكل القاعدة الثالثة أدخل إلى هنا ♥ وإن لم تكن قد اطلعت على القاعدة الأولى بعد فاطلع عليها من هنا ♥
♥♥♥
أتعلم؟ ثمة مقطع صغير لي على الساوند كلاود، أسميته "نعمة الألم"، أظن الاستماع إليه سيلهمك بشكل ما ♥
اطلب مقالا حصريا عن تطوير الذات
أعجبك المقال؟ بإمكانك طلب مقال إبداعي حصري عن تطوير الذات والتعامل مع التحديات من هنا.
قم بالتسجيل في موقع خمسات واستفد من خدماته المميزة، ستجدني هناك لمساعدتك ^_^
تعليقات
إرسال تعليق