الرجولة| الرجولة الحقيقية ومكانة الرجل
تعودت أن أكتب من حين لآخر عن الأنثى لأنني أنثى ولألامس أرواح الفتيات بما يسقيهن ويعرفهن بروعتهن وقدرهن❤ لكن بسبب موقف جميل شاهدته رأيت من الأمانة أن أكتب عن الرجل إنصافا له لأنني على قناعة بأن هنالك إجحافا كبيرا في حقه.. أتمنى أن يقرأ كلامي هذا الرجال:
حسنا ربما من المناسب أن أروي الموقف أولا: كان الجميع جالسين في الحافلة بهدوء حتى صرخت فتاة توبخ ذَكَرا شِبه إنسان كان يجلس أمامها ويتحرش بها، عندها صرخ شاب من الخلف صرخة مدوية وانقض عليه وجره إلى خارج الحافلة وهو ينعته بقلة الرجولة والحقارة ثم اندلع بينهما شجار لولا تدخل المارة لكان ذلك الحقير قد نال وجبة دسمة من الضرب.. ذلك الموقف رغم بشاعته -كونه موقف تعرض فتاة للتحرش- إلا أنه يثلج الصدر.. لم أتعود على رؤية حمية الرجال تتحرك نصرة للفتيات اللواتي يتعرضن للاعتداء بل تعودت على أن الجميع يتصرف بعقلية "تخطي راسي" وكم من مواقف تحرش روتها لي صديقاتي دون أن يجدن تدخلا من أحد لحمايتهن أو لتأديب المتحرش الذي لا أتردد في نعته بالحيوان.. ذلك الموقف الشهم أظهر أن "الدنيا مازالت بخير"، جعلني أدرك أكثر أهمية الرجال وموقعهم المحوري في الحفاظ على المجتمع وسلامته.
ابنة الرجل الصالح حين وصفت موسى عليه السلام اختزلت معاني الرجولة في القوة والأمانة وهذا يستدعي من الإنسان وقفة؛ لماذا هاتان الصفتان دون غيرهما؟ لماذا ذُكرتا في القرآن الكريم؟ أليس ذكر شيء دون غيره إشارةً إلى ما يُراد توجيه تركيز وفكر وبصيرة الإنسان إليه؟ لذلك متى ما أردنا أن نعي ما الرجولة فلنغص متأملين معاني الصفتين:
الرجل للمرأة قوة تستند عليها لا سوط يسلط عليها، وركن آمن تلجأ إليه لا تفر منه، وأمانة تثق فيها لا تخاف خيانتها، والأمانة مجمع لكل معاني الأصالة والثبات والشهامة والقيادة إذ لا يقوى على الحفاظ على أمانة إلا قائد لنفسه لا منقاد لها، ذو خلق ومراقبة لنفسه ولله في أمانته، وذلك ما يزيد المرأة طمأنينة وسكينة.. ومتى ما أُحيطت المرأة بهذه الصفات كانت كزهرة قد هَيّء لها مزارعها وراعيها الظروف لتنمو وتزدهر وتتحدى ما حولها من أعشاب ضارة أو أزهار أكثر طولا وعينها على الشمس والسماء، لا تخشى ضررا محيطا بها إذ هي محروسة مطمئنة، ولا تخشى انكسارا إذ هي مستندة على ركن قوي، ولا تخشى ذبولا أو عدم بلوغ السحاب لأن راعيها يسقيها.. والجميل أنني حين أصف العلاقة بين الرجل والمرأة بهذا الوصف الذي نبع من داخلي وفهمي أتذكر أن الله تعالى قد قال ((نساءُكم حرث لكم))! قد قالها في كتابه الكريم!!
المرأة حين يطمئن قلبها إلى وجود تلك المعاني في الرجل ينزاح عن فكرها عبء توفير السند والأمان لنفسها فيصبح بالإمكان أن تتفرغ لتزهر أنثى مشرقة في بيتها ولبنة قوية في بناء مجتمعها والمساهمة في نهضته بما أُعطِيت من صفات وقدرات وموقع..
أما الرجل في الخارج، الأجنبي إن صح التعبير، فلا تسقط عنه تلك المعاني العظيمة مع نساء لسن من أهله بل يزداد رجولة وتزداد النساء هدوءً وحكمةً إذا ما استطاع تلوين لوحة المجتمع بها.. يزداد رجولة ويكبر في عين المجتمع لأن دوافعه المتحكمة في تصرفاته دوافع داخلية، نابعة من إرادته وأصالته وقيادته لنفسه، دوافع ثابتة لا تتغير بتغير لباس فتاة أو خُلق أخرى، دوافع تعي أن الرجولة رجولة مع الجميع وأن النفس مُوَطَّنَة بجذورها لا قشةٌ ضعيفة تلعب بها الرياح إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أساءت.. ولولا أن الرجل قادر على ذلك لاستغربتُ أن يقول الله تعالى ((الرجال قوامون على النساء)) بدل "الرجال قوامون على نسائهم" ولاستغربت أن تكون الخطبة الأخيرة للنبي -عليه الصلاة والسلام- تتضمن في وصاياها الجوهرية توصية بالنساء! "استوصوا بالنساء خيرا"!! لولم يكن الرجال أقوياء قادرين على هذا التكليف العظيم ما كُلِّفوا، لولم يكونوا أكفاء لتنفيذ الوصية ما أُوصوا، لولم يعلم الله فيهم من المؤهلات ما يجعلهم قادرين على التكفل بهذا الدور ما أعطاهم الوسام!
الرجل مرادف الأمان والقوة، مرادف الوتد الذي يمسك أرض المجتمع أن تميد بأهلها، مرادف الحصن الذي تسقط على جدرانه أسهم المتربصين، مرادف الجدار الذي يقف خلف ظهر المرأة أن تقدمي ولا تخافي غدرا أو سقوطا أنا هنا، مرادف الجدار الذي يقف أمامها أن تقدمي ولا تهابي أنا هنا، ومرادف اليد القوية الحانية التي تمسك بيدها أن تشجعي أنا معك..
لو أن الرجال يعون محوريتهم ويستوعبون ميكانيزم الأمان عند المرأة وأنه أهم ما تبحث عنه لعادت العلاقات إلى فطرتها، فطرة التكامل والسكينة لا برمجة الندية المشوِّهة التي طرأت على البشرية عندما تعطل العقل..
إن خير من استأجرت القوي الأمين.. جاءت على لسان أنثى.. أفلا يتدبرون القرآن!!
تحية لكُتل الأمان ❤
تعليقات
إرسال تعليق