القائمة الرئيسية

الصفحات

السوشل ميديا والمقارنة.. فقاعة فارغة..!

 

السوشل ميديا والمقارنة.. فقاعة فارغة!!

    السوشل ميديا والمقارنة.. فقاعة فارغة!!

     في كل مرة أتجول بإسراف في مواقع التواصل الاجتماعي تراودني فكرة الفرق بين واقع الناس وما يظهر عنهم في السوشل ميديا، أو ربما فكرة الفرق بين الشعور أثناء التجول والشعور الذي يناقضه عند الخروج والعودة إلى الواقع المعاش.. 


الأول يتجلى في الشعور بضرورة أن أكون على الصورة الفلانية أو أمارس العمل الفلاني أو يكون طريقي هو الطريق الفلاني كي أشبه ما يظهر، كي أكون مثل الجموع، كي أطابق الصورة التي يفترض أن اكون عليها أو المتوقعة مني مثلا.. شعور يراودني بشكل يشبه الهجوم يكاد يسيطر علي ويجعلني ربما أفكر لوهلة باتخاذ قرارات وتغيير أخرى كي أحققه وأصبح على تلك الصورة التي ترسمها الاحوال والاخبار هنا وهناك..


شعور كان في السابق ربما يسيطر علي لمدة لابأس بها رغم أنه فقاعة فارغة (لا تسألني ما معناها ههههه)، لكن مع الوقت، ومع ازدياد وعيي بنفسي وبما يناسبني وما أريده في الحياة، ومع تأصل عدة قناعات في داخلي لدرجة القوة التي تمكنها من الاصرار على ما تراه صحيحا حقيقيا ولو خالف الشائع، مع كل ذاك صار أسهل علي إبصار زيف ذلك الشعور والتحرر من تأثيره بشكل أسرع..


تحرر..؟ فقاعة فارغة..؟ زيف..؟ حسنا..

عندما نرى على السوشل ميديا ما صار إليه الغير في دروب الحياة وما حققوه من إنجازات ظاهرة قد نتأثر ونقع في فخ المقارنة وقولبة أنفسنا وفق رؤية ومعايير محددة شائعة.. آه، سأذكر مثالا عن نفسي أرقني لفترة لا بأس بها وقد يبدو ذكره غريبا بعض الشيء: في السابق، كنت قد وقعت رهينة فكرة تقول "التفوق = إكمال التخصص.. لا يوجد تعريف آخر، كل ما عداه يعني فشلا أو مستوى أقل" في الواقع كنت أعي أنها فكرة خاطئة، لكن المسارات المحددة مسبقا ورؤية كل من تخرج يفكر في إكمال التخصص سعيا لنيل مرتبة أفضل جعلني أقع في الفخ، جعل ذلك الرابط يتشكل في ذهني، ولأنني تعودت على البحث عن الافضل لأكونه فقد وجدتني في صراع داخلي مرارا، صراع بين تلك الفكرة النمطية التي تصر على أن أكمل التخصص كي أكون في مرتبة أفضل، وبين شعوري بأنني لا أريده، صراع بين القالب وبين الأصالة، بين أن أُقلِّد وبين أن أكون أنا وأختار طريقي الخاص، طريقا يناسب معطياتي وصفاتي وميولاتي.. صراع لم يكن التحكم فيه سهلا، لكن تحليله ومراقبة تأثيره علي وتقييم مدى واقعيته جعلني أبصر مواطن الزيف فيه ما ساعدني على حله بشكل كبير..


الإنسان في واقعه، في مواجهة مفترقات الطرق في حياته، غالبا ما يجد نفسه أمام معطيات مختلفة يعتمد عليها لاتخاذ قراراته.. معطيات منها ما هو متعلق بميولاته، ومنها ما هو متعلق بتجاربه التي قد تكشف له عكس ما يتصوره عن نفسه، ومنها ما هو متعلق بظروفه، تساهم جميعها في تشكيل خياراته التي يسير فيها في مجال العمل أو الحياة الاجتماعية أو الأنشطة.. تلك المعطيات التي تتميز بالتنوع والكثير من التفاصيل المختلفة من شخص لآخر تجعل من الصعب وضعَ إنسانِها داخل قالب محدد معدٍّ مسبقا ليُطبع بما يُفترض به ويُنتظر منه أن يكون عليه.. ذلك أن القوالب تُعدّ اعتمادا  على معطيات عامة كالتخصص أو العمر أو فرص العمل المتاحة ضمن التخصص الواحد مثلا وهو ما يناقض حقيقة المعطيات، حقيقة تنوعها وغناها بالتفاصيل..


في الواقع، أجد مفهوما صيدلانيا يتكرر معي في الكثير من الامور، مفهوم la variabilité interindividuelle.. هو مفهوم يُقصد به في علم الصيدلة الاختلافُ بين الاشخاص من ناحية تعاطي الجسم مع نفس الدواء: لو قدمنا نفس الدواء بنفس الجرعة لشخصين مختلفين قد يحصل الاول على تأثير عال مثلا مقارنة بالآخر، ذلك أن إنزيماته مثلا أقل نشاطا من إنزيمات الاخر بالتالي تُفكك الدواء بشكل أبطأ مما يبقيه مدة أطول في الجسم وبالتالي يكون تأثيره ونشاطه أكبر (في الغالب).. هذا المفهوم بِتُّ أراه صديقا لي بعدما تكرر معي في الحياة، خاصة وأنه يفسر الكثير من الاشياء ويحمي من الكثير من الكلاكيع..


عند التجول في السوشل ميديا بشكل أهوج - لا بأس بتسمية الأشياء بمسمياتها هههه- نكون عرضة للوقوع في فخ المقارنات، لكن علينا أن نتذكر دائما أن القرارات لا تُبنى على صور جامدة نراها لغيرنا فنختزل فيها حياتهم ونترك لمخيلتنا وتحليلاتنا الفذة أن ترسم تفاصيل طرقهم ومدى رضاهم عن خياراتهم، القرارات لا تُبنى على منشورات تُظهِر نقطةً من بحر هادئ قد يكون في جانبه الآخر عواصف هوجاء يصارعها صاحبها ولا ندري عنها شيئا.. قرارات على أرض واقعية لها معطياتها وظروفها وغناها بالتفاصيل لا تُبنى اعتمادا على أرض افتراضية محدودة تخفي أكثر مما تُظهر..


     كلٌّ مُيَسَّر لما خُلِق له، ومتعة الحياة الحقيقية تكمن في أن تكون حقيقيا لا نسخة زائفة عن غيرك، تكمن في أن تكون أنت، أن تكون دارسا خطواتك راضيا مقتنعا بها، ترسم طريقك المناسب لك بهدوء وثقة غير مكترث بالمسارات المثالية والقوالب الجاهزة وما يُفتَرَض بك أن تكونه، ذلك ما يجعل اختياراتك راسخة متينة تشع منك نورا يقال له "واثق الخطى يمشي ملكا" (ربما لا تُقال هكذا لكنني أقولها هكذا ههههه)


     أخيرا، ثمة آية جميلة مريحة ومرشدة جاء فيها: ((فأمّا الزَّبَدُ فيذهَب جُفاءً وأما ما ينفعُ الناس فيمكُثُ في الاَرض)).. تأملها ❤


❤❤ اذهب إلى حيث تجد نفسك ❤❤



اطلب مقالا حصريا عن تطوير الذات

أعجبك المقال؟ بإمكانك طلب مقال إبداعي حصري عن تطوير الذات والتعامل مع التحديات من هنا

قم بالتسجيل في موقع خمسات واستفد من خدماته المميزة، ستجدني هناك لمساعدتك ^_^



تعليقات

تجول بسهولة.. فهرس المقال🌹