القائمة الرئيسية

الصفحات

الندم على الاختيار | هكذا تخلصت من الندم على اختيار تخصصي

 

الندم على الاختيار | هكذا تخلصت من الندم على اختيار تخصصي

الندم على الاختيار | هكذا تخلصت من الندم على اختيار تخصصي


في فترة ما عشت مشاعر ندم طاحنة لأنني لم أغير مساري نحو تخصص أحبه لما كان الوقت مبكرا، أو ربما لم أكن أملك الشجاعة لاتخاذ قرار كهذا لأنني لم أكن أجيد دراسة المعطيات بشكل واقعي والموازنة بينها وبين ما أحب، أو ربما فقدت البوصلة ولم أعد واثقة مما أحب أصلا بعد أن دخلت دوامة الصيدلة وانطفأ بداخلي الكثير..


بسبب تلك المشاعر لم أتمكن من اتخاذ خطوة إلى الأمام، بقيت معلقة لا أجد دافعا لأتقدم في مساري هذا ولا أستطيع تغييره لأن معطياتي تقول أن تغييره الآن وإعادة دراسة تخصص آخر ليس من الحكمة بتاتا..
الأمر الذي ساعدني على الخروج من هذه الدوامة هو فهم شيء من فلسفة الأقدار والخيارات:


أولا، عندما يختار الإنسان مسارا أو يتخذ قرارا معينا فهو يختار بناء على مستوى محدد من الوعي أولا و بناء على معطيات محددة ثانيا.. عندما يسير في طريقه ذاك ثم يجد نتائج مخالفة لتوقعاته فسيتعامل مع الأمر -على الأرجح- بالشكل التالي: يعيد تحليل قراره لكن بمعطيات الآن وبالنضج الذي هو عليه الآن وبالخلاصات لي تعلمها الآن عن الحياة والواقع والتي كان يجهلها سابقا.. وهنا الخطأ، لأنه تقريبا يشبه أستاذا يصحح ال sujet A بالتصحيح النموذجي الخاص بال sujet B وهذا غير معقول.. لذا فإن إعادة محاكمة قرارات الماضي وفق معطيات ونضج الحاضر خطأ فتخففوا من جلد ذواتكم.


ثانيا؛ إدراك أن مساراتنا نحن من نحددها بإرادتنا قد ينسينا أمرا بالغ الأهمية هو وجود إرادة إلهية عليا، وهذا الأمر أدركته بعمق من مسيرة يوسف عليه السلام: في أحد فصول القصة تعلم يوسف الإنسان قاعدة أن إرادته تحدد مسار حياته فاختار السجن وكان له ذلك.. عندما فسر الرؤيا لصاحبيه ورأى أن أحدهما سيخرج من السجن طبق نفس القاعدة فطلب منه أن يذكره عند الملك لعله ينال حريته، لكن ظهر هنا درس جديد قد حان وقته؛ صحيح أن إرادتك وقراراتك تحدد مسار أحداثك، لكن هناك إرادة فوقها ترى ما لا تراه وتُقدِّر لك موقعا لا تُقدٍّره لنفسك وإن أرادت بك خيرا عطّلت فاعلية إرادتك وتدخلت لتعدّل المسار وتصل بك إلى المحطة الأنسب لك.. إرادة الله شاءت أن ينسى صاحبه طلبَه فلبث يوسف في السجن بضع سنوات أخرى، لو خرج يوسف قبلها لانتهى الأمر عند استرداد حريته ولربما واصل حياته بشكل بسيط، لكن الله أراد له أن ينال حريته وأن تعاد محاكمته ويردّ إليه الاعتبار وتُطوى السيرة نهائيا وتظهر كفاءته الاقتصادية على الميدان على مستوى الدولة ككل.. كان منتهى رؤية يوسف أن يتحرر لكن الله رأى له أكثر من ذلك بكثير..

 مهما بلغت من الامتلاء بنفسك والدراية بما يناسبك تذكر أن فوقك إرادةً ربانية استسلم لها ولا تتجاوز حدود بشريتك فعلمك قاصر، بدل أن تنشغل بالافراط في تحليل الماضي انشغل باكتشاف السر: إلى أين يريد الله أن يوجهك؟ لماذا؟ أتحمِل بداخلك مثلا قدرات تجهلها ولن تكتشفها أو تتوهج بها إلا في هذا المسار؟

 
ثالثا؛ ليس من السهل أن تحسن تطبيق ما مضى بل يحتاج الأمر إلى تدرب مستمر، لكن ما سيعينك هو ال stop الذي وضعه النبي عليه الصلاة والسلام، "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان".. قالك ما تبقاش تخربش وترسم سيناريوهات واحتمالات للخيارات السابقة وتغرق فيها لأنك رح ضيع لا تكسبها تقدم لا سعادة لا تغيير للأحداث، قول قدر الله وما شاء فعل وانشغل بالتحرك ضمن معطياتك ونتائجك الحالية بما ينفعك (لهذا قال في نفس الحديث "احرص على ما ينفعك" ❤) وتذكر أنه قد قيل "ملتفت لا يصل" ❤


بعد هذا التحليل الطويل الذي أدركته على مدى أشهر، صار أسهل علي أن أتصالح مع مسيرتي وأن أتحرك ضمن خيارات مختلفة عن المألوف لأصنع أسطورتي الشخصية على قولة باولو كويلو، في النهاية متعة النضج وفهم الحياة وتعلم التعامل معها ومرافقة ربي سبحانه بقرب من أعظم الغايات، تستاهل التعب ❤



اطلب مقالا حصريا عن تطوير الذات

أعجبك المقال؟ بإمكانك طلب مقال إبداعي حصري عن تطوير الذات والتعامل مع التحديات من هنا

قم بالتسجيل في موقع خمسات واستفد من خدماته المميزة، ستجدني هناك لمساعدتك ^_^














تعليقات

تجول بسهولة.. فهرس المقال🌹